بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 فبراير 2025

الارتياب المستمر .. كبرى المصائب // بقلم : محمد عمار ياسين

الارتياب المستمر ... كبرى المصائب
محمد عمار ياسين

هو الشعور القاتل لصاحبه يقوده نحو الهاوية ، يعطل العقل والمنطق ، بل ويجعل من صاحبه يوالي الوهم ويجعله حقيقة ، ويحارب الحقيقة بكل ما أوتي من قوة ، لا لشيء سوى لأنه يظن ... فقط يظن بأن من نظر إليه ينوي له الأذى بدلا من أن نظرته جاءت عابرة ، أو حتى كان سارحاً ، ومن مر به دون التحية يضمر له السوء بدلاً من أنه مر مسرعاً دون أن يراه أو ينتبه لوجوده ، ومن صحح له كلمة أو خالفه رأي أنه ينتهج الحرب عليه .


وللأسف بدأت أرى الكثير من الأشخاص يميلون إلى تفسير كل الأحداث من حولهم على أنها جزء من مؤامرة تُحاك في الخفاء ، هؤلاء يرون في كل موقف يداً خفية تحرك الأمور لتحقيق أهداف سرية من ابتداع مخيلتهم؛ للإضرار بهم أو بمن حولهم أو بالمجتمع ، بل وقد تصل بهم الأمور لابتداع ظروف وملابسات وحقائق ليست موجودة أصلاً ، واذا لم يبتدعها هو فإنه يتناول أي خبر بهذا الخصوص ولو كان مصدره أقاصي المحيط أو حتى دون مصدر ، ويتعامل معه على أن حقيقة مع علم الجميع بأنه غير حقيقي (إشاعة مثلاً)  ..


والمؤسف أكثر بأن هذه الأمور بدأت بالانتشار في الشارع الفلسطيني ، بل وبدأت تلقي بظلالها على الطابع المؤسساتي للبلاد ، حيث أصبح من الملاحظ سيطرة عقلية الشك والتوجس على الكثير من قرارات المؤسسات ، وأصبح هذا التوجس أيضاً أساساً لسياسات بعض المؤسسات ، وحينما يتم بناء التفكير على شك وتوجس ونظرية مؤامرة وشيكة ، ستكون النتيجة خطط وهمية ، وقرارات دفاعية أكثر مما هي قرارات تنفيذية تحقق الصالح العام ، وبالتالي فشل ذريع وسقوط مدوي .

وأخيراً ..
إن التعميم وجعل كل شيء مؤامرة يفقد الإنسان القدرة على التمييز بين الحقيقة والوهم، والحل يكمن في تحقيق التوازن، عبر التفكير النقدي، والتأكد من صحة المعلومات من مصادر موثوقة، وعدم الانجرار وراء التفسيرات المتسرعة ، وبناء كل القرارات وحتى القناعات على واقع محسوس مرئي وإن لم يكن مرئي ليكن موثوقاً بشكل مؤكد ، وليس بناءاً على أقاويل وأحاديث هنا وهناك ، لا تستند لأي مصدر أو وثيقة ، أو أي قرينة تثبت صحتها ، لنصل بالنهاية لتحقيق كافة المصالح فيما يضمن الاستقرار للشخص والمجتمع ..

محمد عمار ياسين
04/02/2025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفيل والإدارة // محمد عمار ياسين

يحكى أن فيلاً تولّى إدارة الغابة ، ثم جمع حوله الجميع وعلى رأسهم الجرذان ، وألقى فيهم خطاباً خالداً رناناً ، قائلاً : أنا الأكثر...